الأطفال يحتاجون إلى الحضن
ذهب عامل الي الصيدلية،وقال للصيدلي:[هل لديك مرهم للأسمنت؟]
فضحك الصيدلي منه ساخرا،وقال له:[نعم لدينا مرهم للأسمنت،ولدينا مرهم للحجر وللحديد..
هل تريد نوعية ممتازة مستوردة ام نوعية عادية مصنوعة في البلاد؟]
فقال الرجل :[اعطني النوعية الممتازة المستوردة].
رد عليه الصيدلي ساخرا :[انها غالية،اقول لك ذلك مقدما ].
ثم انهمر في الضحك.
رفع العامل يديه امام الصيدلي،وقال له:[اني عامل مباني واشتغل في الاسمنت،وقد علق الاسمنت في يدي،ولا استطيع ان المس وجه ابنتي الصغيرة لكي اداعبها ..اذا كانت النوعية الممتازة المستوردة التي لديك تزيل هذا الاسمنت،فأعطني اياها ،وسأتدبر ثمنها ].
تجمدت الضحكات الساخرة للصيدلي علي شفتيه ،ورأي نفسه حقيرا كما لم يراها من قبل.
فهو لم يحضن اطفاله منذ زمن طويل ،ولم يدللهم ،ولم يحن عليهم ابدا.
حقا ..ان الفقر فقر القلوب وليس الجيوب..شكرا للعقول الراقية التي قرأت ..
عزيزي القاري ء
-ان اطفالك يحتاجون الي حضن.
يحتاجون ان تأخذهم في حضنك،وتدللهم ،وتحن عليهم.
فيؤكد اطباء الطب النفسي ان :
الاطفال الذين يتلقون كفايتهم من الاحتضان والحمل والتقبيل تتطور لديهم حياة عاطفية اكثر صحة من حياة اولئك الذين يتركون فترات طويلة من الوقت بغير احتكاك مباشر .
والاطفال الذين يتم احتضانهم بكثرة من اهلهم يكونوا اكثر سعادة عندما يصبحوا كبارا .
الحضن ومشاعر الحب
اثناء حرب فيتنام ،وصل كثير من الاطفال الي معسكرات اللاجئين في الفلبين،ومات بعض هؤلاء الاطفال الرضع بطريقة غريبة،علي الرغم من انهم تلقوا رعاية طبية ممتازة ،وحصلوا علي الطعام المناسب ،
واخيرا تقرر ان بعضهم مات بسبب ان الممرضات لم يحملن هؤلاء الرضع،ولم يظهرن لهم أية مشاعر مما يحتاجها الرضع،فقد ماتوا بسبب افتقارهم الي العواطف.
عزيزي
حينما تحتضن ابنك او ابنتك ،فإن هذا الحضن يعبر عن مشاعر لايمكن ان يعبر عنها الكلام.
لكن للأسف ،في بيوتنا احيانا يكون التعامل ( عسكري)!!
والعلاقات جافة وفاترة .
_الحب للطفل هو الغذاء النفسي الذي تنمو وتنضج عليه شخصيته ،وكما يتغذي جسمه علي الطعام ،فإن نفسه تتغذي علي الحب والقبول .
_نحن في حاجة لان نجعل اطفالنا يعلمون بأننا نتفهمهم واننا متواجدون باستمرار نعضدهم بحبنا ودعمنا .
-يرغب الفتي في سن المراهقة ان يحس بالحب والتفاهم والتدعيم من ابويه،وعندما يتلامس مع الحب والقبول ،يصبح حينذاك مستعدا للترحيب بكل انواع التغيرات نحو الصالح من الامور.
_ان السبب الرئيسي الاول عن انطباع صورة سيئة لنفسية الطفل هو غياب الحب الابوي غير المشروط .
_ماهو الحب غير المشروط؟
ان الجملة تشرح نفسها _انه حب شخصي بدون شروط مسبقة،نحب الآخر بسبب من هو وليس بسبب مافعله او يفعله.
عندما يشعر طفلك بانه محبوب،سيتأدب ويتدرب بشكل اسهل بكثير مما اذا كان " خزانه العاطفي" موشكا علي النفاد.
ان حاجة الطفل الي الحب تعد اساسا لجميع الاحتياجات الاخري.فاستقبال الحب وتعلم اعطائه هو التربة التي تنبت منها جميع المساعي الإيجابية.
خلال فترة الرضاعة،لايفرق الطفل بين الحليب والحنان ،بين الطعام والحب ،فبدون الطعام سيجوع الطفل ،وبدون الحب سيجوع الطفل عاطفيا .ويمكن ان يصبح غير كفء للحياة.
ان استخدام كلمة " لو " يبعث برسالة ضمنية وهي رفض منح الثقة للولد ،الأمر الذي يعيق النجاح المنتظر منه.
الجرثومة تكمن في كلمة " احب لو" .فأحب لو لا يعني احب .
" احب لو " عبارة اقل انفعالا وعاطفة من " احب".
انه حب باهت ،فاتر ،وعديم الطعم كطعام المرضي.
" احب لو " هو حب مشروط.
ان طفلك _مثل الوردة-سيستفيد من حبك ،فعندما يتم اعطاء ماء الحب ،سوف يتورد طفلك وستملأ الدنيا جمالا ،وبدون هذا الحب ،سيصبح وردة ذابلة تلتمس المياه.
يستقبل الاطفال الرسائل العاطفية ،قبل وقت طويل من استطاعتهم فهم معاني الكلمات .
فنبرة الصوت ،ورقة المزاج ،والشعور بالاهتمام والعناية ،جميعها تقوم بتوصيل الدفء العاطفي والحب.
ومايفهمه الاطفال هو نظرة علي الوجه،والاصوات الحنونة ،جنبا الي جنب مع الاحضان الدافئة.
التعبير عن الحب
يمكن التعبير عن الحب بالكلام وبالحضن وبقضاء الوقت مع اولادنا ،وكذلك بتقديم الهدايا .
فعندما سأل البعض الطفلة " راشيل" البالغة من العمر عشر سنوات عن السبب في كونها متأكدة جدا من ان والديها يحبانها ،اجابت قائلة :[تعلوا معي الي غرفتي ،وسأريكم ].
وما أن وصلوا الي غرفتها حتي اشارت الي دمية دب كبير وقالت :[لقد اشتريا لي هذا من كاليفورنيا ].
ثم قامت تلمس دمية مهرج رقيقة ،وقالت :[لقد اشتريا لي هذه عندما انتقلت الي الصف الاول ،وهذا القرد الظريف كان من رحلتهما الي هاواي بمناسبة عيد زواجهما ].
واستمرت تتحرك في الغرفة وهي تشير الي المزيد من الهدايا الكثيرة التي تلقتها من والديها علي مدار السنوات القليلة الماضية_وجميعها كانت من اماكن متميزة_والتي تظهر حب والديها لها .
اعطاء وتلقي الهدايا يمكن ان يكون تعبيرا قويا عن الحب ، في الوقت الذي يتم تقديمها فيه ،وعادة مايمتد لسنوات لاحقة ،فالهدايا الاكثر عمقا تصبح رموزا للحب ،وتلك التي تنقل الحب بصدق تعد جزءا من لغة الحب.
فهذا هو الوقت المثالي للوالدين لكي يتحدثا بصدق لغة الحب _الهدايا -والتي من خلالها من الضروري ان يشعر الطفل برعاية والديه الصادقة .
ان الهدية الحقيقية ليست تأدية حساب لخدمات تم تقديمها ،ولكنها في الواقع تعبير عن الحب للفرد ،ويتم تقديمها مجانا من المانح.
في عالمنا هذا لايعد كل المنح صادقا ،وخاصة في عالم الاعمال .فمعظمها يكون سداد ثمن نظير القيام بعمل تجاري ،او رشوة علي أمل ان يقوم احد الاشخاص بخدمة معينة في المستقبل.
فإن الهدية لايتم إعطاؤها لمجرد منفعة المستقبل ،ولكنها تعد بشكل اكبر طريقة لقول" شكرا" لك لمساهمتك المالية او طلب المزيد من المساهمة .
يجب ان يتم هذا التمييز نفسه عند قيام الوالدين بالعطاء للاطفال .
فعندما يقوم الوالد او الوالدة بتقديم هدية ،اذا قام الطفل بتنظيف غرفته،فهذه ليست هدية حقيقية ،ولكنها سداد ثمن نظير خدمة تم تقديمها .
وعندما يعد الوالد او الوالدة طفله بشراء لعبة معينة له اذا عمل شيئا معينا يريده منه ،فإن هذه اللعبة لاتعد هدية ،وانما رشوة مقصود منها التحكم في سلوك الاطفال .
_بينما قد لايعلم الطفل كلمات " سداد" او " رشوة" ،فإنه يفهم المعني.
في الواقع ،فإن الطفل الذي لايشعر ،بصدق بأنه محبوب يمكنه بسهولة ان يسيء تفسير الهدية ،معتقدا انه تم اعطاؤها بطريقة مشروطة ،
فقد اعطت احدي الأمهات _التي كانت وقتها علي خلاف مع ابنها _هذا الابن كرة بيسبول جديدة .
ولكن في وقت لاحق ،وجدت الكرة في المرحاض ،فنادت علي ابنها قائلة:" جاسون،ماذا فعلت ،كرتك هنا ،الاتعجبك؟"
فأجاب ابنها " جاسون " بكلمة واحدة :" آسف".
وفي اليوم التالي وجدت الكرة في صفيحة القمامة ،فتكلمت معه مرة اخري ،لكنه نظر فقط الي اسفل وقال :" آسف".
فيما بعد تعلمت الام ان تحافظ علي خزان ابنها العاطفي ممتلئا،فأغدقت عليه بحبها ،وسرعان مابدأت تلاحظ تغيرا ،فبعد اسابيع قليلة ،قامت بإعطائه مضرب بيسبول ،وفي هذه المرة قام بعناقها وقال لها مبتسما :" شكرا ياأمي".
يعد " جاسون" نموذجا للاطفال المطيعة الذين لديهم خزان عاطفي فارغ ،ونادرا مايظهر هؤلاء الاطفال ألمهم واحتياجاتهم بصراحة ،لكنهم يظهرون مشاعرهم بطرق غير مباشرة ،فالتخلص من الهدايا او تجاهلها يعد نموذجا لهذا النوع من الاطفال الذي يحتاج الي اعادة تزويده بالحب.
يعيش الآباء في سعي وجهاد دائم لتربية وتنشئة الابناء،ليس لانهم يحبونهم فقط ،ولكن لان الابناء وزنة وعطية من عند الرب.
" هوذا البنون ميراث من عند الرب"( مز١٢٧: ٣).
الطفولة والحب
ماأن يخرج الطفل من بطن أمه الدنيا حتي تقع عيناه علي اول موضوع للحب ،فهو وان كان لم يتعلم اي لغة ،الا انه يفهم لغة الحب عندما تضمه امه الي صدرها في حنان،وتقدم اليه ما يحتاجه من غذاء ودفء،وتنظر اليه بابتسامة مشرقة كلها حب،فإذا خاف او جاع بكي مستنجدا بأمه،حتي اذا ما رآها تقترب اليه اشرق وجهه بالأمل والفرح ،وابتسم ابتسامة الواثق المطمئن .
لذلك اكثر من تقبيل اولادك معبرا عن حبك لهم .
كلما اتخذنا خطوات ثابتة واثقة معقولة مملوءة بالحب والتفهم والإدراك ،كلما ازدادت فرصة ابنائنا ليصبحوا ما نود ونرغب ان يكونوا عليه .
تعليقات
إرسال تعليق