الراهب والمرزبة

الراهب والمرزبة :
أورد كتاب بستان الرهبان قصة أخاً كان ساكناً فى دير ، وقد دأبت الشياطين على محاربة هذا الراهب بخطية الشهوة ، وأنه من شدة قتال الشياطين له كان يسقط الراهب فى خطية الزنا بالفكر مراراً كثيرة .
وكان هذا الأخ يجاهد ، فظل يُكره نفسه ، ويصبر كيلا يترك طريق الرهبنة ، ويثابر فى رجاء ، وصبر لكى يسترد ثوب طهارته ، وكان يكمل قانون عبادته بحرص من مزامير وأصوام ومطانيات ، فينتبه سريعاً ويقوم راكضاً إلى إبيه تائباً ومعترفاً ولايكف عن الطلبة والدعاء بهذه الصلاة : يا رب أنت ترى شدة حالى ، وشدة حزنى ، فإنشلنى يا رب إن شئت أنا أم لم أشأ ، لأنى مثل الطين إشتاق وأحب الخطية وأنت أيها الإله القوى الجبار إجلعنى أكف ومنعنى عن هذه النجاسة ، لأنك إن كنت ترحم القديسين فقط ، فليس هذا بعجيب ، وأن كنت تخلص الأطهار فقط فما الحاجة ، لإن أولئك مستحقون . ولكن إرحمنى أنا الخاطئ الغير مستحق يا سيدى ، وإجعلنى إرى عجيب رحمتك ، لإنى إليك أسلمت نفسى .
هذا ما كان يردده كل يوم سواء إخطأ أو لم يخطئ ، وتتكرر الحرب ، وتتكرر الهزيمة ، لكن أيضاً تتكرر التوبة .
فلما كان ذات يوم يصلى ، وهو مستمر فى هذه الصلاة ، إن شيطان اليأس ضَجَر وغلب من حسن رجائه ووقاحتهِ المحمودة ، فظهر له وجهاً لوجه ، وهو يردد مزاميره ، و قال له : أما تخزى أن تقف بين يدى الله ، وأنت بهذه الحالة ، وتنطق اسمه بفمك النجس؟
قال له هذا الاخ المثابر : ألست أنت تضرب مرزبة وأنا أيضاً أضرب مرزبة ، أنت تسقطنى فى الخطية ، وأنا أطلب من الله الرحوم أن يتحنن علىّ ، ويغفر لى ، فأنا سوف أستمر على هذا الصراع حتى يدركنى الموت ، ولن أقطع رجائى من إلهى ، ولا أكف من الإستعداد لك ، وسننظر من الذى يغلب : أنت أم رحمة الله .
فلما سمع الشيطان كلامه ، تركه ، وهو يقول له : ويلاه منك ، من الآن لن أعود إلى قتالك ، لئلا تأخذ بسببى أكاليل ، لإنك بكثرة صبرك ، ونتيجة رجائك فى إلهك يكون لك إكليل من الرجاء .
وتنحَّى عنه الشيطان منذ ذلك اليوم ، ورجع ذلك الأخ إلى نفسه ، وأخذ ينوح ويبكى على خطاياه السالفة . وكان إذا حورب بأفكار العظمة كان يتذكر خطاياه التى عملها . وإذا حورب بأفكار اليأس كان يترجى الله ويتذكر محبته للخطاة .
ليتنا ، عزيزى ، نحمل دائماً مرزبة التوبة فى وجه إبليس ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نبات الزوفا

انا بكره امى 1

فورة