الضغوط

جلست الي ذلك الشاب الوديع والذي تخفي ملامحه مرارة السنوات التي عاني فيها الأمرين، راح يتذكر قسوة والده ، وهو يجلده بسوط وهو مقيد، وفي مرات نادرة عندما كان يهم بتقبيل والده كان يدفعه عنه بعيدا بعنف. راح يكدح ابتداء من المرحلة الإبتدائية لكي يغطي نفقات دراسته ، رغم امكانيات والده الميسورة ، بل والاشد قسوة ان ذلك الأب قرر ان هذا الابن لايشارك اخوته في الميراث، لكن مابهرني هو رعاية ذلك الشاب لوالده الذي اصبح قعيد المرض ولم يجد من يهتم به سوي ابنه هذا الذي عاني من قسوته. حتي ان ذلك الأب توفي بعدما قدم توبة حقيقية لله وقبل فداء السيد المسيح.
يسرد الرسول بولس بعض انواع الضغوط التي تعرض لها فيقول:" أهم خدام  المسيح ؟ اقول كمختل العقل : فأنا افضل . في الاتعاب اكثر ( اعاقات جسدية) . في الضربات اوفر ، في السجون اكثر ، في الميتات مرارا كثيرة . من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة ثلاث مرات ضربت بالعصي ، مرة رجمت ( مقاومات من قادة دينييين) . ثلاث مرات انكسرت بي السفينة . ليلا ونهارا قضيت في العمق . بأسفار مرارا مثيرة ، باخطار سيول ( حالات جوية تعيق سفرهم ). باخطار لصوص ( عدم امان) . باخطار من جنسي ( شكاوي قضائية ومحاكمات ). باخطار من الامم . باخطار في المدينة، باخطار في البرية ، باخطار من اخوةكذبة ( رفض من الاخوة - اكاذيب ) . في تعب وكد. في اسهار  مرارا كثيرة ( إرهاق جسدي) . في جوع وعطش ( ضيق مادي) . في اصوام مرارا كثيرة ( صراعات روحية) .في برد وعري . عدا ماهو دون ذلك : التراكم علي كل يوم . الاهتمام بجميع الكنائس . من يضعف وانا لا اضعف؟ من يعثر وانا لا التهب ( اتعاب الخدمة) ؟ ان كان يجب الافتخار ، فسافتخر بامور ضعفي"( ٢ كو١١: ٢٣- ٢٩).
اولا : الضغوط النفسية:
الضغط النفسي هو التعرض لأي عوامل داخلية( خبرات في الماضي، امراض...) او خارجية ( تهديد ، خطر، صراع) تجعل الإنسان يعتقد انه سيواجه اضرارا مما يسبب له تغيرات نفسية او جسمانية.
الغريب ان نسبة الامراض والضغوط النفسية التي يتعرض لها المؤمن هي نفس النسبة التي يتعرض لها من هم خارج الكنيسة . الخليقة كلها تئن ،" بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم " ( اش٣٠: ١٥) ، مااكثر مضايفي كثيرون قائمون علي"( مز٣) ، اخرجني من الشبكة التي خبأوها لي خسفت من الغم عيني ( مز١١) ، صارت لي دموعي خبزا ، لماذا انت منحنية في يانفسي( مز٤٢) ، لاترفضني في زمن الشيخوخة لاتتركني عند فناء قوتي ( مز٧١) ، اخرجني من الحبس نفسي اعيت روحي في( مز١٤٢.
ثانيا : الضغوط النفسجسمية:
تظهر هذه الضغوط الداخلية في شكل حالات من الإثارة يختبرها الفرد ذاتيا علي هيئة غضب او قلق او انشراح ، وتأتي الإثارة الانفعالية مصحوبة بنشاط الجهاز العصبي المستقل مما يؤثر في واحد او اكثر من الاعضاء والاجهزة الفسيولوجية . وهناك ضروب متباينة من المواقف الضاغطة التي يمكن ان ترسب اضطرابات نفسجسمية.
الفئة الاولي : الضغوط من المواقف العصبية كالتي تحدث في المعارك العسكرية.
الفئة الثانية: الضغوط المزمنة ، فالتآكل هنا تدريجي ينشأ من تراكمات لعدد من التوترات الدقيقة التي لايشكل اي منها خطرا كاسحا في حد ذاته كسلسلة طويلة من الإحباطات والرفض والخوف.
الفئة الثالثة: الضغوط الشخصية للغاية والخاصة بكل فرد علي حدة، وهي تلك المواقف التي تمس الفرد ومناطق ضعفه الخاصة، كأن يكون حساسا للرفض او للنظام التحكمي او المناظر الصحية.
طبيعة الضغوط:
١.ضغوط سلبية: وهي مدمرة ، تؤثر في اجسادنا بصورة سلبية للامراض النفسية والجسدية وربما تتطور الي امراض مزمنة.
٢-ضغوط ايجابية: تقود للنضوج، تحفزنا علي الحياة الإيجابية ، تعطي للحياة معني عندما نواجه التحديات بفاعلية.
تدريب
دع شخصا (أ) يضغط علي يد شخص آخر (ب) وهو رافع يده لأعلي ، علي(ب) ان لا يستسلم بل يقاوم، ثم يكرر (أ) نفس العملية مع (ب) ، ولكن في هذه المرة يستسلم (ب) للضغط ولايقاوم . نستنتج ان الضغط يولد ضغطا.
ماهي العوامل التي تؤثر علي مواجهتي للضغوط؟
١-كمية ونوعية الضغوط: يمكن تحمل ضغط كبير ( كارثة) ، لكن ربما ننهار تحت كمية ضغوط كثيرة 😞 مشكلة في دورة مياه الشقة، ضياع سلسلة المفاتيح، اختفاء ورقة هامة ولا اجدها). وستنفذ طاقتنا .
٢- الاستعداد الوراثي: والذي يختلف من شخص لآخر بحسب الاستعداد الوراثي مثلا: الاستعداد للتفاؤل او التشاؤم ، الميل لتعقيد الامور او تبسيطها ، الطبع، الذكاء، مهارات حل المشاكل ، القدرة علي تحليل المواقف ، القدرة علي اتخاذ القرار . وذلك لايعفينا من المسؤولية ، لكننا نحتاج لمزيد من الجهد للتغلب عليه.
٣- الذهن : هو المخزون الفكري الذي تراكم مع السنين ، ان نظرتي لله ولضيقات الحياة تحدد طريقة استجابتي للضغوط التي اتعرض لها.
٤- الحالة العامة للجسم: هناك جهاز عصبي سريع التأثر بالضغوط، مما يؤدي الي : زيادة ضربات القلب ، عرق في اليدين واحمرار في الوجه ، كذلك الإرهاق او سوء التغذية او المجهود البدني الزائد او قلة النوم قد يجعلني لا احتمل ضوضاء الاولاد وقد اثور عليهم.
٥- البيئة - التربية : مثلا : في اتخاذ القرارات نجد : الياباني بطيء جدا، الامريكي سريع ، المصري عاطفي ، الالماني عقلاني، اذا ابتلع طفل قطعة معدنية تجد الأم الاوربية او الالمانية لاتشعر بأي مشكلة وتعالج الامر بينما الام المصرية تصاب بهلع شديد. وينتقل ذلك الهلع والذعر للولد عندما يكبر ويواجه احداث الحياة المختلفة.
٦- الامثال الشعبية: احيانا تصبح الامثال الشعبية في قوة كلمة الله مثلا. جوزك علي ماتعوديه ، المرأة ناقصة عقل ، اكسر للبنت ضلع يطلع لها...، ساعة لقلبك وساعة لربك ، العمل عبادة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نبات الزوفا

انا بكره امى 1

فورة